الثلاثاء، 21 يونيو 2011

أنا أريد..

أنا أريد, أنت تريد..ليس بالضرورة أن يكون ما أتمناه هو ما ترغبه..لكن هناك ضوابط كونية, سماوية أو وضعية أو إنسانية تحكم هذه الأنا التي تنبعث من دواخل النفوس و العقول لتطالب بالعدل و الأمن و المساواة.

في دول الحق و القانون جميع المواطنين سواسية في الحقوق و الواجبات, لذلك هناك توازن منطقي و هناك منطق الحساب و العقاب الذي بدونه لا يمكن أن يعتبر من لا يعتبر.

قليلون هم من يحاسبوا أنفسهم و يراقبوها و يحاربوا بداخلهم النفس الأمارة بالسوء, قليلون من يطبقوا القانون دون مراقب, قليلون من يفكروا في الآخر..ذاك الكائن الجار الذي ليس سوى أخوهم أو صديقهم أو طبيبهم أو معلمهم أو فقيههم..

كلنا نريد, لكن كلنا لا نريد أن نفعل شيئا من تلقاء أنفسنا دون الزجر و هذه العصا السحرية لا يملكها سوى القانون.

أنا أريد كل ما تريدون, لكنني أحلم بتفاصيل تبدو بسيطة و تافهة لكنها في الواقع أساس الخلل و منبع هذا الإحساس الذي لا يبرحنا بأننا نعيش في بلد كالقمامة.

أريد أن أمشي في الطريق دون أن توجع عيني أسطل القمامة المرمية في كل مكان, و أريد أن أتجول دون أن تخدش أذني تلك العبارات البديئة التي تجعلك تهرب من الشارع لتحتمي ببيتك و قد يتصادف أن تلحق بك إلى داخله إن كانت شرفتك تطل على مقهى و تصادف وجودك مع مباراة لمدريد و البارصا.

أريد أن يدفع جيراني دراهم معدودة للسانديك, حتى لا يرحل الحارس كما رحلت المنظفة فأصبح مدخل العمارة الذي تزينه سيارات من أحدث طراز كمدخل مزبلة, لأن المغاربة يعتبرون النظافة ثانوية, و يستطيعون شراء شقق غالية و سيارات مكلفة , في حين يمتنعون عن أداء مائتي درهم للسانديك و يتهربون منها شهور و سنين دون خجل أو حياء.

مفارقات عجيبة و غريبة, و مطالب بسيطة تصبح عصية, و عقلية متخلفة و استغلالية لن يغيرها و يردعها سوى القانون و تطبيقه بالعقاب. ففاتورة الماء و الكهرباء و الهاتف يؤديها الجميع لسبب بسيط هو الخوف من العقاب "بقطع" الماء و الكهرباء..أما الحارس المسكين فرزقه على الله, مهما طرق الأبواب فلا "حياء" لمن تنادي.

أريد أن تعود الثقة في التعليم العمومي, فقد جثم التعليم الخاص على قلوب المغاربة, و حول أبناءهم إلى زبائن و نهب كل ما يملكوه, أريد إصلاح التعليم ليس بزيادة عطل المعلمين و رواتبهم فقط, لكن بإصلاح المنظومة التعليمية حتى تتكافأ الفرص و يستطيع صغارنا أن يدرسوا بأمان و ثقة في المستقبل.

أريد أن يحاسب المفسدون و أن تأخذ تقارير المجلس الأعلى للحسابات بجدية احتراما لكل المغاربة الذين سُرقوا لسنين, حتى يكون الخونة عبرة لمن يريدون نهج خططهم.

أريد أن نُعلم العباد كيف يحبون, و يضحكون و يفرحون..كيف يعيشون مرتاحي البال, أن نضمن لهم العيش الكريم و يضمنوا لنا أنهم فعلا سيتغيرون..فأخاف أن تتحسن الرواتب و لا تتحسن الدواخل, فمدخل العمارة الوسخ ليس له علاقة برواتب جيراني المحترمة كسياراتهم..

أريد أن يصلح القضاء, و أن يعاقب مغتصبي الأطفال عقوبات حقيقية, لا تلك العقوبات المخجلة و كأن الجاني اعتدى على دمية و ليس طفلا دمر حياته و حياة أسرته و تركه بمضاعفات نفسية و روحية.

أريد و أريد و أريد..كلنا نريد لكن لا أحد يبدأ بتغيير فعلي يومي نراه و نلمسه و نتأثر به, لن نتغير بالوعود و لا بالمماطلة و لا بالكذب و لا بالاحتيال..لكن بإرادة فعلية و بمشاركة يومية و بالعطاء..العطاء..العطاء.

طبيعي أن يصنف الوطن ضمن البلدان التعيسة, كيف لك أن تكون سعيدا و التعاسة تطاردك من كل جانب..

أريد أن أرى الوطن مبتسما..أ هو مطلب مستحيل؟

ليست هناك تعليقات: