أشاهد وصلات إشهارية رائعة على بعض القنوات الفضائية العربية, حتى إنني أترقب بثها و أرفع صوت جهاز التلفاز كي أنتشي بكلماتها و موسيقاها و قد حفظتها و صرت أرددها كأناشيد الطفولة التي تلتصق بالذاكرة..منها إعلان لشركة عقار يشبه قصيدة شعر أو خطاب حماسي مصاغا بعناية يقول:
قيل, لن يكون العالم مسطحا
قيل, بناء المدن يمتد عقودا من الزمن
قيل, لن تنبث الأشجار في البحر
قيل, لن تنعم المدن بسحر الريف
ونحن نقول: وماذا بعد؟
وهذا الإشهار مصحوب بصور تثير الدهشة لمدينة دبي المعجزة, يبين كيف أنها حلم أصبح حقيقة في سنوات معدودة, وينتهي الإشهار بصوت المعلق القوي الواثق يقول: النخيل, حيث الرؤية تلهم البشرية.
وهناك وصلة إشهارية أخرى تشبه فيلما قصيرا بالأبيض و الأسود بطلها نجم مسلسل "باب الحارة" السوري سامر المصري تتحدث عن غريب زار قرية مهجورة فبث فيها الحياة و تنتهي بتعليق له ألف معنى يقول: "البعض يبحث عن السعادة و البعض يصنعها".
في الواقع لا أرغب في الدخول في نقاش طويل مرهق حول الوصلات الإشهارية التي تبث على قناتينا, كما أنني أخجل حقيقة من وضع أية مقارنة بين إعلانات تخاطب العقل و الروح و أخرى تخاطب الأسنان و المعدة, مع اتفاق مبدئي على أنها بمجملها تخاطب الجيوب.
لكنني أتساءل فقط هل نحن شعب غبي إلى هذه الدرجة كي تخاطبنا كل شركات الاستهلاك بالرقص و الزغاريد و التطبيل, هل نحن بلداء لا لغة تتواصل معنا بها مطيشة و الزبدة والدقيق و الزيت و الفرماج و الصابون وحتى سراق الزيت غير الشطيح و الركيز..
هل نحن رخيصون لهذه الدرجة كي لا يُحترم ذكاؤنا و تقدر مشاعرنا التي تخدش يوميا ألف مرة و بألف طريقة, و لا يكترث أحد لوضعنا و لحالتنا النفسية و للتوتر الدائم الذي تبعثه هذه الوصلات في أوردتنا.
هذه المآسي التي تبث يوميا يغتني منها التلفزيون و الشركات المنتجة و شركات تصنيع المواد المعروضة كالذي يغتني من الحرب, لأنها حرب حقيقية ضد العقل و الإبداع و الاجتهاد و السمو الفكري و الأخلاقي, حرب رخيصة لا أحد يرغب تحمل مسؤولياتها, كل طرف يبرئ ذمته منها..
نحن فقط ضحاياها.
نحن شعب محبط مصاب بالاكتئاب, سلّم وقبِل بذيل كل القوائم العربية و الدولية, و في كل المجالات..التنمية و التعليم و الإدارة و الطب و الطرق و الرياضة, فلماذا سنخلق الاستثناء في الإعلام و الفن و التلفزيون؟
أشعر كأن صوتا يصرخ في أذني و يجيبني :
سنظل نستخف بكم إلى ما لانهاية..وماذا بعد؟
إنكم تخططون لمستقبل تعرفون مسبقا أنه لن يتحقق..وماذا بعد؟
سيخف التو ثر الذي يسود الآن وسيتلاشى بعد شهر رمضان و سيعود كل شيء كما كان..وماذا بعد؟
سنظل نضحك على ذقونكم, نمتص دماءكم و نرقص على جثتكم..فماذا بعد؟
أجبته..لن يضيق هذا الوطن بكل سواعده و شرفائه و مبدعيه والغيورين عليه, حتى يترككم تعبثون فيه, ستكون للرداءة نهاية لامحالة, وسيصبح لنا الوطن و التلفزيون و الإشهار و الأفلام و الأبطال و الوزراء و التعليم الذي نستحق, وسنتسلق رتب المؤخرة التي وضعتمونا فيها مكرهين و جعلتمونا نصفق فرحين, لن يستمر الوضع طويلا على ما هو عليه, فانتظروا الآتي.
قيل, لن يكون العالم مسطحا
قيل, بناء المدن يمتد عقودا من الزمن
قيل, لن تنبث الأشجار في البحر
قيل, لن تنعم المدن بسحر الريف
ونحن نقول: وماذا بعد؟
وهذا الإشهار مصحوب بصور تثير الدهشة لمدينة دبي المعجزة, يبين كيف أنها حلم أصبح حقيقة في سنوات معدودة, وينتهي الإشهار بصوت المعلق القوي الواثق يقول: النخيل, حيث الرؤية تلهم البشرية.
وهناك وصلة إشهارية أخرى تشبه فيلما قصيرا بالأبيض و الأسود بطلها نجم مسلسل "باب الحارة" السوري سامر المصري تتحدث عن غريب زار قرية مهجورة فبث فيها الحياة و تنتهي بتعليق له ألف معنى يقول: "البعض يبحث عن السعادة و البعض يصنعها".
في الواقع لا أرغب في الدخول في نقاش طويل مرهق حول الوصلات الإشهارية التي تبث على قناتينا, كما أنني أخجل حقيقة من وضع أية مقارنة بين إعلانات تخاطب العقل و الروح و أخرى تخاطب الأسنان و المعدة, مع اتفاق مبدئي على أنها بمجملها تخاطب الجيوب.
لكنني أتساءل فقط هل نحن شعب غبي إلى هذه الدرجة كي تخاطبنا كل شركات الاستهلاك بالرقص و الزغاريد و التطبيل, هل نحن بلداء لا لغة تتواصل معنا بها مطيشة و الزبدة والدقيق و الزيت و الفرماج و الصابون وحتى سراق الزيت غير الشطيح و الركيز..
هل نحن رخيصون لهذه الدرجة كي لا يُحترم ذكاؤنا و تقدر مشاعرنا التي تخدش يوميا ألف مرة و بألف طريقة, و لا يكترث أحد لوضعنا و لحالتنا النفسية و للتوتر الدائم الذي تبعثه هذه الوصلات في أوردتنا.
هذه المآسي التي تبث يوميا يغتني منها التلفزيون و الشركات المنتجة و شركات تصنيع المواد المعروضة كالذي يغتني من الحرب, لأنها حرب حقيقية ضد العقل و الإبداع و الاجتهاد و السمو الفكري و الأخلاقي, حرب رخيصة لا أحد يرغب تحمل مسؤولياتها, كل طرف يبرئ ذمته منها..
نحن فقط ضحاياها.
نحن شعب محبط مصاب بالاكتئاب, سلّم وقبِل بذيل كل القوائم العربية و الدولية, و في كل المجالات..التنمية و التعليم و الإدارة و الطب و الطرق و الرياضة, فلماذا سنخلق الاستثناء في الإعلام و الفن و التلفزيون؟
أشعر كأن صوتا يصرخ في أذني و يجيبني :
سنظل نستخف بكم إلى ما لانهاية..وماذا بعد؟
إنكم تخططون لمستقبل تعرفون مسبقا أنه لن يتحقق..وماذا بعد؟
سيخف التو ثر الذي يسود الآن وسيتلاشى بعد شهر رمضان و سيعود كل شيء كما كان..وماذا بعد؟
سنظل نضحك على ذقونكم, نمتص دماءكم و نرقص على جثتكم..فماذا بعد؟
أجبته..لن يضيق هذا الوطن بكل سواعده و شرفائه و مبدعيه والغيورين عليه, حتى يترككم تعبثون فيه, ستكون للرداءة نهاية لامحالة, وسيصبح لنا الوطن و التلفزيون و الإشهار و الأفلام و الأبطال و الوزراء و التعليم الذي نستحق, وسنتسلق رتب المؤخرة التي وضعتمونا فيها مكرهين و جعلتمونا نصفق فرحين, لن يستمر الوضع طويلا على ما هو عليه, فانتظروا الآتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق