الجمعة، 26 سبتمبر 2008

من يكون؟

بشرى إيجورك : مجلة نجمة
ذلك الجالس على الجهة الأخرى من أحلامي, أناديه و ألوح له بكلتا يدي, أصيح باسمه المستعار..أحاول أن أتعرف على ملامح وجهه,أن أستقرئ نبرات صوته, نظرات عيونه, انفعالاته الغامضة..لكنني لا أفلح في الوصول إليه.
كنت نائمة أو ظننت أنني كذلك, حينما لمحته على الضفة الأخرى من شرفتي يبتسم لي, كان يقرأ توتري ويجس نبضي..غضضت بصري كي لا أراه, فارتسمت صورته على حذائي اللامع..
كانت نظراته العاشقة تتحدث إلي في صمت, و كنت أسمع دقات قلبي الخجول, و صدى أصوات كثيرة لا معنى لها, تشجعني على الاقتراب و تحذرني للابتعاد و تمنعني من التورط في غرام فجائي
يأخذني في رحلة عشق طويلة يصعب التكهن بمخاطرها أو التنبؤ بمسراتها و أفراحها.
الحب غامض كالبحث عن المعنى, كلون الظل..كإيقاع الزمان..كضربة حظ..
كضربة شمس..
نظرت إليه بشوق جارف و روح غائبة, كان يرتدي أبهى ثيابه, و يحمل ورودا متفتحة..لم أستطع معرفة ألوانها, ضوء خفيف منبعث من مصابيح الشوارع كان يضيء أوراقها.
ظللت أتأمله بعيون مغمضة, أحاول أن أفك لغز كلماته, و أفهم سر اقتحامه عزلتي وروحي المنهكة من الحلم..أستطيع أن أدرك بحسي الكلام الجميل المزين الذي يفتقر للصدق, أن أفهم ما يدور في ذهنه دون سؤال..
أشحت عنه بوجهي و ابتعدت راكضة نحوه و سألته..
من تكون؟
هذا الغريب الذي انتظرته كثيرا, لنحتفي معا بالحب النقي..هذا الطارق المتخفي الذي لم يطرق باب الفؤاد بل جاء متسللا خلسة إلى القلب ليعصف به, ليغمره سعادة ساحرة لم يعهدها من قبل, و ليستهزئ به و يذله بعد أن يتملكه..
إنه واهم..
فقلبي محصن لا يخترق, و أنوثتي لا تؤمن بالعشق الكاذب ولا بالنزوات الرخيصة..أحلامي أيضا لم تزرها الكوابيس يوما إلا بظهوره المباغت على الطرف الآخر من قدري رغم أني انتظرته طويلا..
أستغرب قدرة بعض الناس على الانتظار, إنه أصعب التمارين, ان تنتظر صوتا, إسما, عيونا, عطرا أو قطارا متأخرا لساعات..
كلمة العشق في مفكرتي القديمة هي الانتظار..
في الانتظار نحب و نمل و نأمل و نتألم..
أطفأت هاتفي كي أنعم بالهدوء و الصمت, فأتاني صوته من حيث لا أدري,أغمضت عيوني فرأيته يتأملني, طردت الحلم كي أصحو, شربت كوبا من الماء..لكن عطش الروح لا يرويه أي مشروب..و السلام الداخلي لا يمنحه النوم, و الأسئلة الحارقة لا تتبخر بطلوع الشمس وصياح ديك الصباح و نباح كلب ضال..
من يكون؟
هذا الذي يسحبني إلى شاطئ أمان وهمي, يسمعني كلاما غير مفهوم ككلام الرضيع, و يعدني بسعادة لا حدود لها, و فرحة ملغومة..جميل أن يحلم المرء قصصا ممكنة, كي لا يلهو به الحب و يستعبده, فلا تعزية لقلب مكلوم, ولا نقاهة بعد استئصال حب من قلب مفجوع كما يستأصل الورم الخبيث..
هناك قرارات حاسمة نتأخر في أخذها للحظة, فنظلم أنفسنا عمرا, وأمام خيبتنا نوجه أصابع الاتهام للقدر..
القدر غير مسؤول دائما عن خياراتنا الخاطئة و انهزاماتنا الدامية.
لذلك قررت أن ألغي هذا الغريب من حياتي, أن أجثته من حلمي, أن أبعده من شراييني..أن أنفضه من قلبي كما تنفض الغبار من معطفك الشتوي..
المال لا يقي من الحزن, ولا الجمال و لا الجاه و لا الشهرة و لا الحب..
تحاملت على نفسي..أجبرتها على النسيان..
حينما تجهد نفسك لتنسى, تتذكر كل مآسيك..
إلا أنني أفلحت في طرده, و العبث بوروده التي اكتشفت ألوانها مع بزوغ ضوء الصباح..حمراء ذابلة من طول الانتظار..
صحوت فابتعد..
ظل المكان غارقا في الهدوء, إلا من سؤال يتردد صداه..
من عساه يكون؟

هناك 3 تعليقات:

asmaa يقول...

wa3er hadchi a la bouchra tbarkallah 3lik ana kanahmak 3la l makat dyawlak

غير معرف يقول...

هي الحياة يا بشرى ,, تعج بما يحملنا منها بكل عنف وقسوة ,, إلى الهدوء ,, إلى الانعزالية التي تطلق عنان الحرف ليفك عقدته المستكينة خلف المعاني المبهمة ,, هي الصرخات بعمق النفس لا يسمعها غير ذي أذن مصنوعة من ماء الشعر ,, والحب ,,هي الحظات الجميلة نحب أن نقضيها بذواتنا فقط , كالزهر حين يتلذذ يختلي بريحه وسنبله المعطر بعيدا عن الاعين الكاسحة ,, هو القلب يهتف لك ,, من خلف الحرف ,, متشوقا مسحورا ,, انه يحبك // (نبيلة الأخلاق-17 سنة)

غير معرف يقول...

bravo Bouchra