الثلاثاء، 21 يونيو 2011

أبيض أو أسود

لست أدري لم يقضي العباد أغلب أوقاتهم في أحاديث جانبية, محاولين وضع كل امرئ في خانة معينة, لا يرتاحون إلا وقد وضعوا كل من يعبر على محاذاة نميمتهم في خندق أو لون أو اتهام أو صفة..

هؤلاء لا لون بعيونهم و قلوبهم سوى الأبيض أو الأسود ( و غالبا الأسود) , لا يرون الألوان الأخرى و لا يعترفون بقوس قزح.

فأنت إما أبيض أو أسود, لا يمكن أن تكون ورديا أو أصفرا أو شديد الحمرة, بمعنى أنك يستحيل أن تكون متعددا, فيما الطبيعة الإنسانية مبنية أصلا على صفتي الاختلاف و التعدد و التغير.

لذلك أن تكون سياسيا معناه أنك كاذب و محتال, لا يمكن أن تكون نزيها و فعال..

و أن تكون رومانسيا فأنت حالم جبان, لا يمكن أن تكون محبا و "جنتلمان"..

و أن تكون متدينا فأنت خطير و معقد, لا يمكن أن تكون منفتحا ميالا للخير..

و أن تكون عاشقا لأشعار درويش و لأغاني كاظم, لا يسمح لك بحمل المصحف و حفظ سورة الكهف و صلاة الرواتب .

أبيض أو أسود, هكذا يصنف الناس بعضهم البعض, يمين أو يسار..لا محل للوسط.

إما مع الثورة أو ضدها, أن تكون معها لكن بأسلوب مغاير..لا يمكن

أن تحب الملك, و تنتقده..لا يمكن

أن تحب الحياة و تزهد فيها..لا يمكن

أن يكون شعرك منفوشا، و قلمك ثائرا و تكره التدخين و لا زلت تستحي..لا يمكن.

أبيض أو أسود, كأننا عاجزين عن تقبل فكر الآخرين و خياراتهم و أسلوبهم في الحياة, كأننا عاجزين عن العيش خارج مدار النمطية و جعل كل شيء خاضعا لمنطقنا البدائي في النظر للحياة و للناس و للسلوكيات و للعيش المشترك, لذلك نربي أبناءنا بعقلية "الأبيض و الأسود"..

فالذي يحب زوجته و لا يخونها, خاضع..و الذي يعمل بتفان و لا يسرق , غبي..و التي تحترم زوجها و تخدم بيتها "حرمة", و الذي يقاطع الماركات العالمية, متخلف..و الذي يستمع للراب عديم الذوق..

أحكام قيمة لا مرجعية لها و لا سند, و توارث لمفاهيم بالية يجب أن يعاد فيها النظر كما يجب أن يعاد في هذه الرغبة المرضية التي تسكن الناس في تصنيف الآخر..و ليس النفس طبعا.

يمكن أن تكون أبيضا في الصباح, برتقاليا في الظهر و أصفرا في المساء و أحمرا أو أزرقا في الليل, و يمكن أن تظل أسودا لأسبوع أو أبيضا ليومين..وهكذا..

تستمع للقرآن صباحا, و تقرأ الشعر مساء و تدندن بأغنية منسية لفيروز و أنت تسقي الغرس, تحب أن تتمشى وحيدا بداية الأسبوع و ترغب في أن تشاهد فيلما رفقة صديق آخر الأسبوع و تعشق الصويرة شتاء و تكرهها صيفا..و هكذا..

إلا المبادئ..لا يمكن أن تخون من أجل مبدأ و لا يمكن أن تغير مثلك و قيمك كما تغير ألوانك.

هذا التصنيف المخيف هو الذي يجعل الكثيرين لا يفصحون عن شخصيتهم الحقيقية, يعيشون برعب دائم كي لا يخرجوا عن مدار اللون الأبيض إلى الأسود, فتجدهم مصطنعين لا لون لهم و لا حس و لا ملامح..

فلأساتذتنا لون يخصهم, و لسياسيينا و لفقهائنا و لوزرائنا و لأدبائنا و لمذيعينا ألوان لا تتغير..و للبلد لونه أيضا الذي يصارع الكثيرين كي لا يتغير.

لا استثناء خارج اللونين..إلا من اقتنع بأن التغيير يبدأ بالذات و بالصدق و التفرد, و بقوس قزح نرسمه جميعا كي يرفرف عاليا فوق الوطن.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

Franchement, je ne peux pas comment on peut entretenir un blog personnel, et dire de soi "fannana ra2i3a" littéralement: la grande artiste, et la merveilleuse comedienne, et la fabuleuse personnalité, et la miraculeuse femme de cinéma. Il faut arréter de se croire une deesse. vous etes une actrice normale, 3aaadia. si tu es "realisatrice et actrice, et ecrivaine et journaliste" franchement je pense que c'est trop de métiers pour une seule personne. Revisez vous madame. il faut faire une chose dans la vie, et de bien la faire, et non s'arroger des metiers qu'on ne connait que sommairement.
Signé: un fan de votre fabuleuse personnalité