الجمعة، 26 مارس 2010

حينما يعلو صوت السفهاء

أتحفونا بمزيد من المسلسلات الهندية و التركية و الكورية و المكسيكية و البرازيلية, وطبعا أكثروا من السورية و المصرية, ونقترح أن تُهدونا أيضا باقة من المسلسلات الصينية و الفيتنامية و الباكستانية و لم لا السينغالية و الصومالية و الموريطانية, دبلجوا بعضها و اتركوا الأخرى بلُغتها الأصلية كي نتعلم المزيد من اللهجات و المفردات و نتعرف على مختلف الحضارات و الديانات.
ولا تكتفوا بالمسلسلات فقط, استوردوا الأفلام و البرامج و السهرات و المباريات و برامج الأطفال و الإعلانات, ولا تُتعبوا أنفسكم في إنتاج أعمال مغربية تتحدث لهجاتنا و تخاطب عقولنا و تحتفي بهويتنا, لا حاجة لنا بها و لا حاجة لنُحّكم عقولنا أو نُجهد أذهاننا لنفكر أو نفهم أو نرتقي, نريد أن نظل في الحضيض الذي وضعتمونا فيه, تتفرجون علينا وتروّضونا كالقردة.
أكثروا من السهرات الماجنة, حيث يتراقص مغنوا الأعراس و الحانات, وحيث يعلو صوت السفهاء و يلمع نجم الجُهّال, وترتفع حناجر كنعيق الغربان, فاختياراتكم تُطربنا و تسعدنا و تجعلنا في نشوة لا توصف كل نهاية أسبوع, لذلك لا تحرمونا من المزيد فنحن لن نمل من مشاهدة ما تجودون به علينا و على أهالينا و صغارنا من روائع و قيم و حكم, ووجوه و أسماء وازنة نفخر بانتمائنا و إياها لنفس الوطن.
أما البرامج الحوارية و الثقافية و الأفلام الوثائقية فلا رغبة لنا في مشاهدتها, لذلك نُشيد بإصراركم على برمجتها بعد منتصف الليل,و إن شئتم احذفوها فلا جدوى منها, فنحن لا نحتاجها..إذ كيف لنا أن نفعل الشيء و نقيضه, نحن نعرف ما نريد و أي اتجاه نسلك, فلا الثقافة تهمنا و لا الوعي هاجسنا و لا الإدراك غايتنا.
نريد أن تستمروا في طمس ما تبقى من هويتنا و أن تُجهزوا على أرواحنا, فنحن نفوض لكم أحاسيسنا و مشاعرنا لتعبثوا بها كما شئتم, فأصْل كل المآسي هو الكرامة و العزة و الكبرياء الذي سلبتموهم منا برضانا.
قناعاتكم و اختياراتكم فخر لنا, وإنجازاتكم أهم و أولى من خساراتنا, فاستمروا و امضوا, لا تصغوا لمعارضيكم و لا تأخذوا حذركم منا..نحن معكم. لقد كنتم بالأمس القريب تطالبون بتحرير إعلامنا وفك عزلته و حصاره و تبعيته, تصرخون و تنددون وتحتجون, فصرخنا معكم و نددنا و علت أصواتنا و بُحّت حناجرنا إلى أن تحقق حلمنا في إعلام "حر"..ونعم "الحرية" و المجد "للتحرر", فهكذا يكون التحرر و إلا سنطالب بعودة الإعلام إلى حضن الداخلية .
نريد المزيد من القنوات حتى وإن لم يشاهدها أحد المهم هو الكم و التراكم, فنحن نحْسب وجودنا منذ زمن بالأرقام و ليس بالأعمال و النتائج.
المجد لكم ولإعلامكم, فاستمروا في جلدنا لا ترحمونا..فلن ينفذ زادُنا من الصبر, رغم أننا مصابون بحرقة مزمنة في الروح و القلب و اكتئاب حاد و نزيف داخلي دائم و هواجس ليلية مخيفة, رغم أننا نتنفس بصعوبة كلما جلسنا في حضرة إعلامكم, نمط شفتينا و نمسح حبات العرق من جبيننا, وتتسارع دقات قلوبنا..
رغم أننا على مشارف الغضب, وعلى حافة الانهيار و على وشك الانتحار..
نطلب منكم أن تستمروا..
استمروا..

ليست هناك تعليقات: