الأحد، 21 فبراير 2010

لكل داء دواء

يروق لي متابعة البرامج الحوارية التي تستضيف الوزراء, لأنني أجد فيها من الفرجة و الهزل ما لا أجده في الأعمال المخصصة لبث الفرحة في القلوب, وأجد من الدراما ما لا أجده في كل تلك المسلسلات المكسيكية و الكورية و الهندية و التركية و البرازيلية التي تتحفنا بها القناتين..
ولو أن باحثين مغاربة في علم النفس و الاجتماع أنجزوا بحثا علميا مدققا حول تصريحات الوزراء, وحللوها و فككوا رموزها و ألغازها و شفراتها, لاستطعنا أن نكتشف سبب الداء و نجد الدواء, ولو أنهم راقبوا تحركاتهم و سلوكاتهم و ضحكاتهم و احمرار أذنيهم و تلعثمهم و "دخولهم و خروجهم فالهضرة" لتوصلنا إلى نتائج ربما تفيدنا في فهم المراكز المتأخرة التي يحتلها بلدنا دائما في التعليم و الصحة و التدبير و الأمن و القضاء و الأسرة.
أعتقد أن بحثا علميا و نفسيا كهذا سيكون مفيدا جدا, ومفاجئا و مبهرا لما سيحمله من اكتشافات ربما يكون لنا السبق عالميا – ولو لمرة واحدة- في إنجاز دراسة مهمة تخدم الإنسانية, تهم وزراء استثنائيين يتكلموا ساعات دون أن تخرج بشيء..
يقدموا تصريحات دون أن يقولوا شيء, يغيروا مواقفهم كما يغيروا جواربهم دون أن يحدث شيء..
تتغير ملامحهم بتغير رواتبهم و ينُطّون و يقفزون بين يمين و يسار, أغلبية و معارضة و كتلة, لا هم محافظون و لا هم حداثيون..
شخصيات بلا ملامح و لا مواقف و لا أفكار و لا قيم, لذلك تبدو مضحكة لأن السخرية أساسها الدراما. ولمن يتساءلون لم أعمالنا الفنية لا تُضحك فلأن الموقف المضحك يُبنى على وضعية محزنة و مؤسفة بالأساس, أي أننا نضحك من موقف لا يُحسد عليه صاحبه, لذلك برامجنا الحوارية التي تستضيف الوزراء ورؤساء الأحزاب تنتزع الضحك دون عناء أكثر من برنامج "كوميديا" المخصص لهذا الغرض.
أحيانا أتساءل إن كانوا يعيشون في كوب آخر لا نعرفه, يتحدثون لغة أخرى لا نفهمها..فكلما صادفت أحدهم يخطب و يصرّح أركز حواسي كلها لأفهم ما يقول و أعجز عن تكوين فكرة أو الخروج بمعلومة, كأنهم تخرجوا من نفس المدرسة, أو درسوا مادة قوامها "كيف تتحدث دون أن تقول شيئا" أو ببساطة يتعمّدون استفزازنا و رفع الضغط بأوردتنا.
مقارنة بسيطة ساذجة بين ردود و تصريحات وزرائنا و أسلوبهم في النقاش و الخطاب و التحاور و بين زملائهم الأوروبيين ستكشف لنا بوضوح حجم الفاجعة..
لذلك ألتمس من الدكاترة المختصين أن ينكبوا على هذه الظاهرة بالبحث و الدراسة و فحص "المصابين" قبل فوات الأوان.
فلكل داء دواء.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

mohamed
merçi bouchra c'est vraiment ce que tu as dit