الجمعة، 19 سبتمبر 2008

بين درويش وشعراء «المصلحة»

الحياة - 18/09/08//
ماهر عبدالصمد بندقجي - جدة
بينما كنت في رحلة قصيرة إلى المغرب الشقيق، وبينما كنت أحتسى قهوة الصباح في أحد منتزهات مدينة «أصيلة»، لفت انتباهي مقال نشر في صحيفة «المساء» المغربية، تحت عنوان «فلاش باك» للكاتبة «بشرى أيجورك»، تناولت فيه قضية الشعر العربي وما آل اليه، لا سيما بعد وفاة شاعر فلسطين والوطن العربي محمود درويش، هذا الذي ملك القلوب وتوج على ثرى فلسطين بإبداعاته المميزة، الذي جعل كل الشعب الفلسطيني يتحسر على فراقه بل كل الشعب العربي.لقد أبدعت الكاتبة المغربية وتميزت في ما تناولته وتوجت رثاءها له بقولها: «كان عظيماً في كل شيء، ولم يتسخ بقذارة السياسة وانسحب ليواصل نضاله بكلمات تشحذ الهمم وتقوي العزائم، وتنصر المظلومين، وتدافع عن قضية شعب وأمة، ترثي فلسطين وتدين المجازر وتدعو إلى السلام، بخلاف بعض أدبائنا والذين يسخرون أنفسهم لمصالحهم الشخصية»، ووصفتهم «بأنهم يغيرون كل شيء كما يغيرون جواربهم في كل مرة، هكذا هي حياة شعراء اليوم».نعم انني وبكل صراحة أضم صوتي إلى صوت الكاتبة، فلقد غدا الشعر والشعراء لدينا لا هدف لهم سوى مصالحهم الشخصية - ينشرون آهاتهم ووناتهم وزفراتهم وغثاءهم في أردأ صورة ولا يأبهون بالمصالح الوطنية الحقة، وليس كمحمود درويش، رحمه الله، الذي كان يخرج صوته قوياً دافئاً ثابتاً ومدوياً، لينشد للحق المسلوب، ويتشدد على عودته بكل قوة، فليعتبر شعراؤنا به وليتركوا مصالحهم جانباً ليتناولوا في شعرهم مصلحة الوطن قبل كل شيء.محمود درويش بعظمة شعره سجل في التاريخ الحديث بمداد من ذهب وليت شعراءنا يقتدون به، فليهبون ساحتنا الوطنية بشعر الحب للوطن، وينثرون إبداعاتهم في ثياب هذا الوطن الغالي، يتجنبون نثر غثائهم ليحولوا شعرهم إلى منظومة تحاكي الوطن وترابه وأهله.أتناول ذلك وكلي ألم على فراق هذا الشاعر الملهم، في الوقت الذي نشاهد فيه اليوم كماً هائلاً من الشعراء العرب يتقاطرون على الساحة العربية في كل الأقطار العربية لا يضيفون شيئاً إلى الشعر، بل إن أكثرهم شعراء المصلحة.لقد فقد عالمنا العربي شاعراً ملهماً مبدعاً، ناضل بقلمه لعودة الحق في أبهى وأبدع صورة عرفها تاريخنا المعاصر. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أتمنى ان تحذو بلادنا العزيزة والعالم العربي حذو المملكة المغربية الشقيقة، التي خصصت مدينة «أصيلة» لتصبح عاصمة الثقافة والأدب والإبداع والتقاء الشعر والشعراء، وليت عالمنا العربي يبادر بتخصيص مدينة أو حتى قرية فيه لتصبح عاصمة للأدب والشعر والفن، والتقاء الشعر والشعراء حتى ولو مرة كل عام، فتراثنا غني ولله الحمد وبقي استثماره بصورة جيدة ليحاكي مدينة «أصيلة المغربية» والتي باتت مجمعاً للفن والاصالة في المغرب العربي.على هامش تلك الفعاليات الثقافية والأدبية والفنية التي حضرت جزءاً منها وُجِد لفيف من الأدباء والقاصين السعوديين، ولقد كانت مشاركتهم فاعلة، عكست مدى ما وصل إليه الأدب والفن في بلادنا، ولمست مدى نضوج الشباب السعوديين ودعوتهم إلى تحريك الساحة العربية عموماً وفي بلادنا خصوصاً.إن الأدب والثقافة والفن في الوطن العربي بصفة عامة يعيش فترة ركود ويحتاج لمن ينتشله من كبوته، وهذا لن يتأتي إلى بتضافر الجهود، وتقديم الأفكار الجيدة التي تسهم في عملية تنشيط هذه الفعاليات، كتنظيم موسم أدبي وثقافي وفني يضم مسابقات وأفكاراً في مختلف الفعاليات في إحدى البلدان العربية أو في إحدى مدننا - كمدينة جدة على سبيل المثال - وهذا مما لا يشك فيه سيسهم في تطوير الحركة الأدبية والثقافية وإبراز دور الشعراء وخلق المنافسة في ما بينهم، كذلك الكشف عن المواهب الجديدة بين الشباب حتى يأخذوا دورهم في الساحة الفنية والأدبية والثقافية، وهذا الأمر بات مطلباً ملحاً.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

mazid mena al 3atae .. 3o9olona wa 9olobona ma3a al fanana ijorek mafkharat chamal al maghreb !!be tawfi9

نبراس العتمة يقول...

الجميلة بشرى ايجورك..بصوتها الشبابي ووعيها الفني والثقافي بدأت تؤسس لاتجاه فني ينادي بالفن وعمقه وليس بالفن السطحي القشيري..أتمنى أن نراها دائما متألقة..
أظن أن صفحة المساء أعطت لبشرى تألقا متفردا..
مودتي