الأحد، 25 نوفمبر 2012

بشرى إجورك: نساء تيقليت زواج بطعم القسوة والمعاناة

 

الاحداث المغربية 

هل يمكن تصور حياة زوجية بدون رجل وامرأة معا؟ وهل يمكن أن يستغني أصلا الرجل عن المرأة أو المرأة عن الرجل؟ الجواب قد يكون بديهيا لا. يستحيل أن تستقيم الحياة الزوجية، ويكون لكينونتها طعم إلا باستقرار طرفيها تحت سقف واحد. المخرجة بشرى إجورك تفند هذه البداهة، وتقدم نموذجا ملموسا وحيا لقرية بدون رجال. نعم قرية بدون رجال، قرية نسائية بامتياز تزوجت نساؤها ووجدن أنفسهن يواجهن مصيرهن وحيدات، يقاسين شظف العيش وقساوته وسط جعرافيا قاسية لا ترحم، تغيب فيها أبسط مقومات العيش الإنساني الكريم «لا وجود لشيء ولأي شيء إلا القسوة والجبل والحجر. الشيء الوحيد الموجود واد أم الربيع، على ضفافه يقمن مقاه طبيعية عبارة عن أكواخ» تقول بشرى إجورك. هل تكفي مداخيل مثل هذه المقاهي لمواجهة متطلبات الحياة أو لنقل الاستمرار على قيدها؟ تجيب مخرجة الفيلم «لا تكفي طبعا. تدر عليهم شبه مداخيل يسدون بها الرمق، أو كما يقول نساء القرية أنفسهم كيدخلوا منها فلوس أتاي والسكر».

نساء مع أطفالهن يعتاشون بالخبز والشاي، وجبتهم الأساسية كيف لهم أن يقاوموا ظروف مناخية غاية في القساوة. «الخبز أولا، والخير كل شيء» كلمة جاءت في تعليق المخرجة المصاحب لفيلمها الوثائقي «قرية بدون رجال» وهي تروي حكايات ست نساء، كل حكاية لا تشبه إلا نفسها، وكل حكاية تضمر بين ثناياها خصوصيتها وأبطالها. نساء فرقت بينهن الأعمار والمستويات الفكرية والثقافية، ووحدهن الألم والمعاناة والوحدة وقسوة الانتظار وقسوة الجغرافيا وزمن لم يكن رئيفا ولا رحيما بهن. في عيون أم الربيع تدورو تفاصيل قصة الفيلم، في عيون أم الربيع الساحر والآخاذ بجمال طبيعته يتربع دوار تيقيلت بعمالة مريرت مزهوا بنسائه الشامخات شموخ جبال الأطلس المتوسط. بين أعطافها، وطبيعتها الصارمة حطت كاميرا المخرجة لتنقل لنا بالصوت والصورة يوميات ست نساء وهن يتدبرن أمور معيش عائلاتهن. لماذا إذا اختارت بشرى إجورك هذا الدوار بعينه؟ تجيب «اخترت قوة عيون أم الربيع أي القرية المحيطة بمنبع الوادي ودوار تيقيلت غير البعيد عنها لأن نساءهن لهن شخصية قوية ويقمن بدور الأب والأم يشتغلن ويطبخن ويرعين الغنم ويربين الأغنام».

لم تجد المخرجة أية صعوية في تعاملها مع شخصياته النسائية، ولم يشكل لهن الوقوف أمام الكاميرا أول مرة أي قلق أو سبب لهن أي دهشة، بل حافظن على عفويتهن، وتلقائيتهن وتصرفن كما لو أنها غير قائمة أصلا بعد أن شعرن بالثقة والأمان في تعامل بشرى إجورك معهن، ولم يكن هذا الحرص على إبراز تلك التلقائية والتبئير على كل ما هو إنساني إلا لهدف واحد «أن يكون البوح عن تلك المعاناة اليومية الدائمة صادقا، الفيلم لحظات إنسانية حقيقة دون رتوش ولا تزييف لا يمكن أن تعاش إلا في الأفلام الوثائقية» توضح بشرى.

اشتغلت المخرجة في فيلمها الوثائقي «قرية دون رجال» على الجانب الإحساسي، وتقول لمن سيشاهده يوم 29 نونبر الجاري على الجزيرة الوثائقية أنه سيكون قويا بإحساسه يعكس كل آلام ومحن نساء القرية « كثيرا ما كنت تنتبولكا أثناء التصوير نظرا لتأثري وتفاعلي الإنساني مع هؤلاء النساء الاستثنائيات الشامخات شموخ الجبال المحاصرة لقريتيهن»، الفيلم لن يقتصر على أن يكون تسجيليا يعري حقيقة واقع قاس، بل اشتغلت فيه المخرجة بشكل كبير على الجانب الجمالي والفني «جماليا وفنيا بذلت مجهودا كبيرا على الإيقاع والترابط بين مختلف مشاهد الفيلم من بدايته إلى نهايته، وكل هذا لإبراز جمال المغرب رغم البؤس السياسي. أعتقد أن الفيلم سفير جميل للمغرب».

ليست هناك تعليقات: