الثلاثاء، 9 فبراير 2010

لماذا الآن ;;;

سؤال مليء بالشك والحيرة والفضول، وفي نفس الوقت سؤال مشروع ومنطقي، قد يكون جوابه سؤال: ولماذا ليس الآن؟
جمعية جديدة فتية وجريئة ومفاجئة، تظهر إلى الوجود في وقت ما أحوجنا فيه إلى أبناء الوطن البررة الذين يرغبون بصدق في بنائه وخدمته وتضميد جراحه ولمّ شمله والإحسان إليه، أبنائه الذين تعبوا من رؤيته يشكو ويئن ويكتوي بنيران موجهة صوبه من الإخوة والأعداء، أبنائه القاطنين والمهاجرين الذين يحملونه بداخلهم حبا وفرحا وألما.
لقد قضينا سنين نُعبر فيها عن حبنا للوطن بحشمة كأننا نستَنكفه، ننتمي إليه متى شئنا ونتنكر له في أول مَحك، والكثيرون يبيعونه في كل لحظة بطرق شتى وبمكاسب لا تحصى. لقد قضينا سنين نخنق كل القيم والمثل بداخل صغارنا حتى جعلناهم بلا هوية ولا انتماء ولا ارتباط بالوطن، كل شيء مستورد أو مستنسخ أو سطحي بلا معنى ولا عمق، من المقررات الدراسية إلى البرامج التلفزية مرورا بالشارع والبيت والأسرة وأساليب التربية.
لقد ضحّى أجدادنا بشرف وصدق وعزة واستماتة من أجل استقلال هذا البلد، فتسلمه الخونة والمرتزقة والمرتشون وعبدة الكراسي والمناصب ليقسموه ويعيثوا فيه فسادا.. يشردون أبناءه ويمحون هويته ويعطون للأجيال دروسا في استغلال الوطن ونهبه ومص دمائه.
لقد ترسخ الوطن في عقول المغاربة كفريسة يلتَم حولها الذئاب الجياع، كل واحد ينهش غنيمته بكل قسوة وهمجية وظلم واستبداد، فيما ظل الشرفاء يرقبون في صمت أو يناضلون عزلاء، أو يضربون كفا بكف ويرحلون ببقايا وطن ورائحة وذكرى وندوب.
لماذا الآن؟
لأننا في حاجة إلى أن تَدِب الحياة في قلوبنا والأمل في شراييننا والحكمة في عقولنا، وننهض لنضمد جراح هذا الوطن، أن نقوم بواجبنا تجاهه بكل بساطة، أن نسعفه قبل فوات الأوان لذلك فجمعية «نجوم مواطنة» بادرة استثنائية في مرحلة استثنائية «إما أن نكون فيها مغاربة أو لا نكون»، ونحن مغاربة بكبرياء، فنانين وصحفيين وإعلاميين ورياضيين وحقوقيين وأفراد مجتمع مدني، ونستطيع خدمة وطننا بقوة وإبداع وذكاء، نستطيع أن نكون صوت من بُحّ صوته أو بيع أو أُخرِص، نستطيع أن نعيد ثقة الناس بوطنهم وبنفسهم وبمثقفيهم ومبدعيهم.. لماذا ليس الآن؟
فلكل فعل بداية، وأتمنى ألا تكون لهذه البادرة نهاية، لأنها انبثقت من أفراد بدون توصية أو طلب أو توجيه من أحد، مستقلين وأحرارا، الوطن فقط من أملى علينا في صمت يحكي الكثير أن نبتعد عن كل الحزازات الفردية والحروب الوهمية الخاسرة ونقف وقفة رجل واحد «أو امرأة واحدة» لنقول بأعلى صوتنا «بلادي ف قلبي» بعيدا عن الملاحم البدائية ومظاهر الوطنية الزائفة والمتصنعة، لنخدم بلدنا من موقعنا، علـّنا نتدارك أخطاء بعض السياسيين ونتجاوز اقتتال بعض الأحزاب ونهون على الناس هفوات الحكومة وخساراتها.
لقد وضعنا نصب أعيننا مصلحة بلدنا فوق كل اعتبار، ومددنا أيدينا نحو كل مغربي ينبض قلبه حبا لهذه الديار وتسري في عروقه «تمغريبيت» الحقة، كي نخرج من الغيبوبة التي أجبرنا عليها كل هاته السنين..
فما من خيار بقي أمامنا سوى أن نستفيق وننهض.

ليست هناك تعليقات: