الثلاثاء، 5 يناير 2010

ولو بعد حين

لاشيء يوحي بحلول السنة الهجرية الجديدة, بل قلة فقط يعرفون أي سنة نحن, أليس كذلك؟ لم تعرفوا..
اعترفوا..
إنها 1430ه وهذا الشهر الفضيل اسمه محرم, ولذلك يوم الجمعة كان الجميع في عطلة, فمعظم المغاربة لا تعنيهم أعيادنا الدينية و لا الوطنية في شيء سوى أنهم سيستفيدون من العطلة. لكن بعد أيام ستحل السنة الميلادية الجديدة و ستبدو مظاهر استقبالها مختلفة تماما عن اللامبالاة و النسيان و البرودة التي تواكب حلول السنة الهجرية و التي غالبا ما تحل في صمت و ترحل في صمت كأية ذكرى باهتة لا تحتاج للالتفات.
ستحل إذن السنة الميلادية و سترتدي واجهات المحلات لباس العيد و ستتباهى بالفرحة و النشوة لاستقبال يوم جديد, وسيدخل "بابا نويل" أروقة المحلات التجارية و الحدائق لالتقاط الصور و توزيع الهدايا على الصغار ضحايا ما نعيشه من استلاب مهين و تبعية غبية و اغتيال متكرر للأصل و الانتماء و الهوية.
هناك أمور كثيرة تبدو تفاصيل عادية لا تحتاج منا التفاتة, لكنها في النهاية الأساس الأهم و نقطة البداية لإنقاذ هوية تمرغ في الوحل.
لقد فهمت شعوب كثيرة آسيوية و إفريقية أن الدفاع عن وحدة الوطن و سموه ورقيه تبدأ بهذه التفاصيل التي تُكوّن الهوية.
و الأعياد هوية, تقاليد, انتماء, خصوصية, تفرد, و أسلوب للتعبير عن قيم دينية و وطنية و اجتماعية, وفرصة ليرتبط الصغار بأسرهم و يتعرفوا على تاريخهم و أصلهم و حضارتهم و يتمسكوا بدينهم و يحبوا وطنهم.
لقد ارتبطت الأعياد الوطنية في ذاكرتنا بتلك الأغاني السخيفة و الأشعار المدفوعة الثمن التي كانت تعذبنا بها التلفزة, وبمنصات يأخذوننا إليها مكرهين حتى كرهنا المناسبات الوطنية ظنّا منا أنها سبب الأذى الذي يلحق بنا كل عيد, أما المناسبات الدينية ورغم حرص المغاربة على التشبث بها فقد أصبحت بلا معنى, بلا عمق و لا تأثير, لذلك اتجه الجيل الجديد إلى الاحتفال بأعياد مستوردة آتية من مدن الصقيع ورغم ذلك تبدو أكثر دفئا و حميمية, فبعد السنة الميلادية و التي ترافقها مظاهر احتفال صاخبة و مثيرة, سيحل السيد سان فالانتان يحمل سهمه ليوجهه إلى صدور العباد ليذكر قلوبهم المتحجرة بالحب و ليجعلهم يهرعون نحو المتاجر لإفراغ جيوبهم في اقتناء ما تجود به من هدايا و عطور و ألبسة, فيما قلوبهم تظل جامدة لا تعرف يوما معنى الحب.
الغريب أن إعلامنا يواكب بجدية حلول هاته الأعياد و يدعمها و يحيي حفلات خاصة بها, ويستدعي شخصيات "وازنة" لتهنئ العباد بحلولها..(و يا لها من حفلات)..
قد تقول لأحدهم "سنة سعيدة" فينبهك بكل ثقة إلى أن الوقت مبكر لتبادل التهاني, وحينما تذكره بأنها السنة الهجرية , يرد دون خجل "علاه وصلات؟"
ولكم أن تتصوروا الجيل الصاعد الذي يتربى على سماع مثل هذه الردود, كيف سيكون حاله؟
لذلك ارحموه, لا داعي أن تلوموه و تزعجوه بسؤال الهوية.
سنة سعيدة إذن.. رغم الحرقة و الحسرة يظل هناك أمل, ولو بعد حين. جريدة المساء

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

ya salam

samir يقول...

ya salam